فصل: من فوائد ابن عطية في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد السمرقندي في الآية:

قال رحمه الله:
{قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا}.
قال مقاتل: وذلك أن كفار مكة عذبوا نفرًا من المسلمين، وراودوهم على الكفر.
قال الله تعالى للمسلمين: قولوا لهم {أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله} يعني: الأوثان {مَا لاَ يَنفَعُنَا} في الآخرة {وَلاَ يَضُرُّنَا} في الدنيا {وَنُرَدُّ على أعقابنا} نعود ونرجع إلى الشرك {بَعْدَ إِذْ هَدَانَا الله} إلى الإسلام {كالذى استهوته الشياطين في الأرض حَيْرَانَ} يعني: كمثل رجل كان مع قوم، فضلَّ الطريق، فحيره الشياطين و{لَهُ أصحاب يَدْعُونَهُ إِلَى الهدى} يعني: إلى الطريق أن {ائتنا} فإنا على الطريق، فأبى أن يأتيهم.
فذلك مثلنا إن تركنا دين محمد عليه السلام.
وقال مجاهد: هذا مثل ضربه الله تعالى للكفار، يقول: الكافر حيران يدعوه المسلم إلى الهدى فلا يجيب الكافر.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: نزلت الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر، كان أبوه وأمه يدعوانه إلى الإسلام، فأبى أن يأتيهما وهو يدعوهما إلى الشرك.
فضرب الله تعالى له المثل بالذي استهوته الشياطين يعني: أضلته.
{قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهدى} يعني: دين الله هو الإسلام {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين} يعني: لنخلص بالعبادة والتوحيد بالله تعالى.
قرأ حمزة {استهواه} بلفظ التذكير بالإمالة.
وقرأ الباقون {كالذى استهوته} بلفظ التأنيث، لأن فعل الجماعة مقدم، فيجوز أن يذكر ويؤنث كقوله: {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حتى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]. اهـ.

.من فوائد ابن عطية في الآية:

قال رحمه الله:
{قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله}.
المعنى: قل في احتجاجك: أنطيع رأيكم في أن ندعو من دون الله، والدعاء يعم العبادة وغيرها لأن من جعل شيئًا موضع دعائه فإياه يعبد وعليه يتكل {ما لا ينفعنا ولا يضرنا} يعني الأصنام، إذ هي جمادات حجارة وخشب ونحوه، وضرر الأصنام في الدين لا يفهمه الكفار فلذلك قال: {ولا يضرنا} إنما الضرر الذي يفهمونه من نزول المكاره الدنياوية، {ونرد على أعقابنا} تشبيه، وذلك أن المردود على العقب هو أن يكون الإنسان يمشي قدمًا وهي المشية الجيدة فيرد يمشي القهقرى، وهي المشية الدنية فاستعمل المثل بها فيمن رجع من خير إلى شر ووقعت في هذه الآية في تمثيل الراجع من الهدي إلى عبادة الأصنام، و{هدانا} بمعنى أرشدنا، قال الطبري وغيره الرد على العقب يستعمل فيمن أمل أمرًا فخاب أمله.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول قلق وقوله تعالى: {كالذي استهوته الشياطين} الآية الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره ردًا كرد الذي و{استهوته} استفعلته بمعنى استدعت هواه وأمالته، قال أبو عبيدة: ويحتمل هويه وهو جده وركوب رأسه في النزوع إليهم، والهوى من هوى يهوى يستعمل في السقوط من علو إلى أسفل، ومنه قول الشاعر:
هوى ابْنِي مِنْ دَار أشرف ** فَزَلَّتْ رِجُلُهُ ويَدُه

وهذا المعنى لا مدخل له في هذه الآية إلا أن تتأول اللفظة بمعنى ألقته الشياطين في هوة، وقد ذهب إليه أبو علي وقال: هو بمعنى أهوى كما أن استزل بمعنى أزل.
قال القاضي أبو محمد: والتحرير: أن العرب تقول: هوى وأهواه غيره واستهواه بمعنى طلب منه أن يهوي هو أو طلب منه أن يهوي شيئًا، وبيستعمل الهوى أيضًا في ركوب الرأس في النزوع إلى الشيء ومنه قوله تعالى: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37]، ومنه قول شاعر الجن: [السريع]
تهوي إلى مَكّةَ تَبْغي الهُدَى ** ما مؤمنُ آلجِنّ كأنجاسِها

وهذا المعنى هو الذي يليق بالآية، وقرأ الجمهور من الناس {استهوته الشياطين} وقرأ الحسن {استهوته الشياطون}. وقال بعض الناس: هو لحن، وليس كذلك بل هو شاذ قبيح وإنما هو محمول على قولهم، سنون وأرضون إلا أن هذه في جمع مسلم وشياطون في جمع مكسر فهذا موضع الشذوذ، وقرأ حمزة {استهواه الشياطين} وأمال استهواه، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والأعمش وطلحة {استهويه الشيطان} بالياء وإفراد الشيطان، وذكر الكسائي أنها كذلك في مصحف ابن مسعود، وقوله: {في الأرض} يحكم بأن {استهوته} إنما هو بمعنى استدعت هويه الذي هو الجد في النزوع و{حيران} في موضع الحال، ومؤنثه حيرى فهو لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، ومعناه ضالًا متحيرًا وهو حال من الضمير في {استهوته} والعامل فيه {استهوته}، ويجوز أن يكون من الذي والعامل فيه المقدر بعد الكاف، وقوله: {استهوته} يقتضي أنه كان على طريق فاستدعته.
قال القاضي أبو محمد: فسياق هذا المثل كأنه قال أيصلح أن يكون بعد الهدي نعبد الأصنام فيكون ذلك منا ارتدادًا على العقب فيكون كرجل على طريق واضح فاستهوته عنه الشياطين فخرج عنه إلى دعوتهم فبقي حائرًا وقوله: {وله أصحاب} يحتمل أن يريد له أصحاب على الطريق الذي خرج منه فيشبه بالأصحاب على هذا المؤمنون الذين يدعون من ارتد إلى الرجوع إلى الهدى، وهذا تأويل مجاهد وابن عباس ويحتمل أن يريد له أصحاب أي من الشياطين الدعاة أولًا يدعونه إلى الهدى بزعمهم وإنما يوهمونه فيشبه بالأصحاب على هذا الكفرة الذين يثبتون من ارتد عن الإسلام على ارتداده، وروي هذا التأويل عن ابن عباس أيضًا، و{ائتنا} من الإتيان بمعنى المجيء، وفي مصحف عبد الله: {إلى الهدي بينًا} وهذه تؤيد تأويل من تأول الهدى حقيقة إخبار من الله، حكى مكي وغيره أن المراد ب {الذي} في هذه الآية عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وب الأصحاب أبوه وأمه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف لأن في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها لما سمعت قول قائل: إن قوله تعالى: {والذي قال لوالديه أف لكما} [الأحقاف: 17] نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قالت: كذبوا والله ما نزل فينا من القرآن شيء إلا براءتي.
قال القاضي أبو محمد: حدثني أبي رضي الله عنه قال: سمعت الفقيه الإمام أبا عبد الله المعروف بالنحوي المجاور بمكة يقول: من نازع أحدًا من الملحدة فإنما ينبغي أن يرد عليه وينازعه بالقرآن والحديث فيكون كمن يدعو إلى الهدى بقوله: {ائتنا}، ومن ينازعهم بالجدل ويحلق عليهم به فكأنه بعد عن الطريق الواضح أكثر ليرد هذا الزائغ فهو يخاف عليه أن يضل.
قال القاضي أبو محمد: وهذا انتزاع حسن جدًا، وقوله تعالى: {قل إن هدى الله} الآية، من قال إن الأصحاب هم من الشياطين المستهزئين وتأول إلى الهدى بزعمهم قال: إن قوله: {قل إن هدى الله هو الهدى} رد عليهم في زعمهم فليس ما زعموه صحيحًا وليس بهدي بل هو نفسه كفر وضلال، وإنما الهدى هدى الله وهو الإيمان، ومن قال: إن الأصحاب هم على الطريق المدعو إليها وإن المؤمنين الداعين للمرتدين شبهوا بهم وإن الهدى هو هدى على حقيقته يجيء على قوله: {قل إن هدى الله} بمعنى أن دعاء الأصحاب وإن كان إلى هدى فليس بنفس دعائهم تقع الهداية وإنما يهتدي بذلك الدعاء من هداه الله تعالى بهداه، {وأمرنا لنسلم} اللام لام كي ومعها أن مقدرة ويقدر مفعول ل {أمرنا} مضمر تقديره وأمرنا بالإخلاص أو بالإيمان ونحو هذا، فتقدير الجملة كلها وأمرنا بالإخلاص لأن نسلم، ومذهب سيبويه في هذه أن {لنسلم} هو موضع المفعول وأن قولك: أمرت لأقوم وأمرت أن أقوم يجريان سواء ومثله قول الشاعر: [الطويل]
أردت لأنسى ذكرها

إلى غير ذلك من الأمثلة، {ونسلم} يعم الدين والاستسلام. اهـ.

.من فوائد أبي حيان في الآية:

قال رحمه الله:
{قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} أي من دون الله النافع الضار المبدع للأشياء القادر ما لا يقدر على أن ينفع ولا يضر إذ هي أصنام خشب وحجارة وغير ذلك {ونرد} إلى الشرك {على أعقابنا} أي رد القهقرى إلى وراء وهي المشية الدنية بعد هداية الله إيانا إلى طريق الحق وإلى المشية السجح الرفيعة {ونرد} معطوف على {أندعو} أي أيكون هذا وهذا استفهام بمعنى الإنكار أي لا يقع شيء من هذا وجوز أبو البقاء أن تكون الواو فيه للحال أي ونحن نرد أي أيكون هذا الأمر في هذه الحال وهذا فيه ضعف لإضمار المبتدأ ولأنها تكون حالًا مؤكدة، واستعمل المثل بها فيمن رجع من خير إلى شر.
قال الطبري وغيره: الردّ على العقب يستعمل فيمن أمّل أمرًا فخاب.
{كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا} قال الزمخشري: {كالذي} ذهب به مردة الجن والغيلان في الأرض في المهمة حيران تائهًا ضالًا عن الجادة لا يدري كيف يصنع له أي لهذا المستهوي أصحاب رفقة يدعونه إلى الهدى أي إلى أن يهدوه الطريق المستوي، أو سمي الطريق المستقيم بالهدى يقولون له: {ائتنا} وقد اعتسف المهمة تابعًا للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم وهذا مبني على ما تزعمه العرب وتعتقده من أن الجنّ تستهوي الإنسان والغيلان تستولي عليه كقوله: {كالذي يتخبطه الشيطان} فشبه به الضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم؛ انتهى.
وأصل كلامه مأخوذ من قول ابن عباس ولكنه طوله وجوده.
قال ابن عباس: مثل عابد الصنم مثل من دعاه الغول فيتبعه فيصبح وقد ألقته في مهمة ومهلكة فهو حائر في تلك المهامة وحمل الزمخشري {استهوته} على أنه من الهوى الذي هو المودة والميل كأنه قيل كالذي أمالته الشياطين عن الطريق الواضح إلى المهمة القفر وحمله غيره كأبي علي على أنه من الهوي أي ألقته في هوة، ويكون استفعل بمعنى افعل نحو استزل وأزل تقول العرب: هوى الرجل وأهواه غيره واستهواه طلب منه أن يهوى هوى ويهوى شيئًا والهوي السقوط من علو إلى سفل.
قال الشاعر:
هوى ابني من ذرى شرف ** فزلت رجله ويده

ويستعمل الهوى أيضًا في ركوب الرأس في النزوع إلى الشيء ومنه: {واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} وقال:
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ** ما مؤمنوا الجن ككفارها

وقال أبو عبد الله الرازي: هذا المثل في غاية الحسن وذلك أن الذي يهوي من المكان العالي إلى الوهدة العميقة يهوي إليها مع الاستدارة على نفسه، لأن الحجر كان حال نزوله من الأعلى إلى الأسفل ينزل على الاستدارة وذلك يوجب كمال التردد والتحير، فعند نزوله من الأعلى إلى الأسفل لا يعرف أنه يسقط على موضع يزداد بلاؤه بسبب سقوطه عليه أو يقل، ولا تجد للحائر الخائف أكمل ولا أحسن من هذا المثل؛ انتهى.
وهو كلام تكثير لا طائل تحته وجعل الزمخشري قوله: {له أصحاب} أي له رفقة وجعل مقابلهم في صورة التشبيه المسلمين يدعونه إلى الهدى فلا يلتفت إليهم وهو تأويل ابن عباس ومجاهد، وجعلهم غيره {له أصحاب} من الشياطين الدعاة أو لا يدعونه إلى الهدى بزعمهم وبما يوهمونه فشبه بالأصحاب هنا الكفرة الذين يثبتون من ارتد عن الإسلام على الارتداد.
وروي هذا التأويل عن ابن عباس أيضًا وحكى مكي وغيره أن المراد بالذي استهوته الشياطين هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وبالأصحاب أبوه وأمه، وذكر أهل السير أنه فيه نزلت هذه الآية دعا أياه أبا بكر إلى عبادة الأوثان وكان أكبر ولد أبي بكر وشقيق عائشة أمهما أم رومان بنت الحارث بن غنم الكنانية وشهد بدرًا وأحدًا مع قومه كافرًا ودعا إلى البراز فقام إليه أبوه أبو بكر رضي الله عنه ليبارزه فذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «متعني بنفسك» ثم أسلم وحسن إسلامه وصحب الرسول عليه السلام في هدنة الحديبية وكان اسمه عبد الكعبة فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وفي الصحيح أن عائشة سمعت قول من قال: إن قوله: {والذي قال لوالديه أف لكما} أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت: كذبوا والله ما نزل فينا من القرآن شيء إلا براءتي.
قال الزمخشري فإن قلت: إذا كان هذا واردًا في شأن أبي بكر فكيف قيل للرسول: {قل أندعو}.
قلت: للاتحاد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وخصوصًا بينه وبن الصديق رضي الله عنه؛ انتهى.
وهذا السؤال إنما يرد إذا صح أنها نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن ولن يصح، وموضع {كالذي} نصب قيل: على أنه نعت لمصدر محذوف أي ردًا مثل رد الذي والأحسن أن يكون حالًا أي كائنين كالذي والذي ظاهره أنه مفرد ويجوز أن يراد به معنى الجمع أي كالفريق الذي وقرأ حمزة استهواه بألف ممالة.
وقرأ السلمي والأعمش وطلحة: {استهوته} الشيطان بالتاء وأفراد الشيطان.
وقال الكسائي: أنها كذلك في مصحف ابن مسعود؛ انتهى.
والذي نقلوا لنا القراءة عن ابن مسعود إنما نقلوه الشياطين جمعًا.
وقرأ الحسن: الشياطون وتقدم نظيره وقد لحن في ذلك.
وقد قيل: هو شاذ قبيح وظاهر قوله: {في الأرض} أن يكون متعلقًا باستهوته.
وقيل: حال من مفعول {استهوته} أي كائنًا في الأرض.
وقيل: من {حيران}.
وقيل: من ضمير {حيران} و{حيران} لا ينصرف ومؤنثه حيرى و{حيران} حال من مفعول {استهوته}.
وقيل: حال من الذي والعامل فيه الرد المقدر والجملة من قوله: {له أصحاب} حالية أو صفة لحيران أو مستأنفة و{إلى الهدى} متعلق بيدعونه وأتنا من الإتيان.
وفي مصحف عبد الله أتينا فعلًا ماضيًا لا أمرًا فإلى الهدى متعلق به.
{قل إن هدى الله هو الهدى} من قال: {إن له أصحاب} يعني به الشياطين وإن قوله: {إلى الهدى} بزعمهم كانت هذه الجملة ردًا عليهم أي ليس ما زعمتم هدى بل هو كفر وإنما الهدى هدى الله وهو الإيمان ومن قال: إن قوله: {أصحاب} مثل للمؤمنين الداعين إلى الهدى الذي هو الإيمان، كانت إخبارًا بأن الهدى هدى الله من شاء لا إنه يلزم من دعائهم إلى الهدى وقوع الهداية بل ذلك بيد الله من هداه اهتدى.
{وأمرنا لنسلم لرب العالمين} الظاهر أن اللام لام كي ومفعول {أمرنا} الثاني محذوف وقدروه {وأمرنا} بالإخلاص لكي ننقاد ونستسلم {لرب العالمين} والجملة داخلة في المقول معطوفة على {إن هدى الله هو الهدى}.
وقال الزمخشري: هو تعليل للأمر فمعنى {أمرنا} قيل لنا: اسلموا لأجل أن نسلم.
وقال ابن عطية: ومذهب سيبويه أن {لنسلم} في موضع المفعول وإن قولك: أمرت لأقوم وأمرت أن أقوم يجريان سواء ومثله قول الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل

إلى غير ذلك من الأمثلة؛ انتهى.
فعلى ظاهر كلامه تكون اللام زائدة وكون أن نسلم هو متعلق {أمرنا} على جهة أنه مفعول ثان بعد إسقاط حرف الجر.
وقيل: اللام بمعنى الباء كأنه قيل {وأمرنا} بأن نسلم ومجيء اللام بمعنى الباء قول غريب، وما ذكره ابن عطية عن سيبويه ليس كما ذكر بل ذلك مذهب الكسائي والفراء زعما أن لام كي تقع في موضع أن في أردت وأمرت، قال تعالى: {يريد الله ليبين لكم} {يريدون ليطفئوا} أي أن يطفئوا {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس} أريد لأنسى ذكرها ورد ذلك عليهما أبو إسحاق، وذهب سيبويه وأصحابه إلى أن اللام هنا تتعلق بمحذوف وأن الفعل قبلها يراد به المصدر والمعنى الإرادة للبيان والأمر للإسلام فهما مبتدأ وخبر فتحصل في هذه اللام أقوال: أحدها أنها زائدة، والثاني أنها بمعنى كي للتعليل إما لنفس الفعل وإما لنفس المصدر المسبوك من الفعل، والثالث أنها لام كي أجريت مجرى أن، والرابع أنها بمعنى الباء وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتاب التكميل وجاء {لرب العالمين} تنبيهًا على أنه مالك العالم كله معبودهم من الأصنام وغيرها. اهـ.